هكذا هي حياتنا تتنوع فيها أحوالنا
فتقسو وتشتد حيناً فترهق أرواحنا وتثقل كواهلنا ,
وتنبسط لنا حيناًُ فتزهر أيامنا وتزهو لحظاتنا ,
ومع ذلك تتساوى تارات وأحيان أخرى أكثر:
:
:
ومع رتابة الحياة يرى من يرى أنه يكاد يختنق وأن الأرض قد ضاقت عليه بما رحبت
" "
عليل الفؤاد , ضائق الأنفاس , كئيب النظرة يرى الدنيا مغلفة بالسواد !
*
فيتسائل لما أنا تعيس لما الحزن هو طبـــعــي ؟ ! ولما الشقاء صديقي ؟ !
فينطلق باحثاً عن السعادة ويضل طريقها فما يزيد سوى
هماً على همه وضيقاً على ضيق ..
وتشكي أخرى أنها لم تعد تسعد بشيء على هذه الحياة
فكل شي بمنظور عينها بات بلا طعم ولون ..يمزقها القلق ويحتويها الاكتئاب ويلفها الضنك والضيق ..
فتبدأ رحلتها باحثة عن الهناء تسعى جاهده لجمع شتاتها وإرضاء نفسها العليلة !
فما تبقي من ملذات الدنيا باباً إلا وولجته ولا جحراً للمتعة إلا وردته !
وما هي إلا لحظات قلائل وقد عادت طيور الشقاء إلى أعشاشها
وحمائم القلق لأوكارها ..
*
فيا من جهلت الداء لا تـتخبط في الدواء فتهلك نفسك ...!
عُد الطبيب ليشخص لك حالك ويصف لك الدواء ..
فما من داء إلا وله دواء وما من شقاء إلا وبعده شفاء .. !
:: تشخيص الحالة " الداء " ::
[(بُعد عن الله وإعراض عن ذكره وصد عن سبيله) ]وتفريط في أوامره وارتكاب لنواهيه .
إن كل ما تعانيه من :
( حزن ,شقاء , تعاسة , ضيق , هم , غم , قلق , اضطراب , توتر , اكتئاب , خوف ,
إحباط )
لهو ضريبة البعد عن الله سبحانه ونتيجة فورية له
فلا سعادة بغير رضى الله ولا أنس ببعد عن الله
قال تعالى :" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا "
وكل من بحث عن الأمان في غير كنف الرحمن لا بد أن يعود وهو خسران .
قال ابن تيمية :
" لا تطمئن القلوب إلا بالله ولا تسكن إلا إليه فإذا ما ارتبطت به واتصلت أِمنَت
واطمأنت "
:: العلاج " الدواء " ::
[ لجوء إلى الله سبحانه وتعالى , تضرع وخضوع له , ذكر الله وطاعته وتجنب معاصيه. ]
إن اللجوء إلى الله والتقرب إليه بالأعمال الصالحة من أهم عوامل مقاومه الحزن والاكتئاب
ففي طاعة الله ورضاه نجد :
( الحياة الطيبة , راحة البال , انشراح الصدر , أمن , أمان , طمأنينه , سكينه , رضى ,
سعادة , هناء )
*
قال تعالى :
( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب )وقال :
( من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن
ما كانوا يعلمون )
::قرة العيون وشفاء الصدور " الصلاة الخاشعة " ::
كن قريباً من الله بصلاتك الخاشعة التي تسكن بها جوارحك
و يحضر فيها قلبك وعقلك وتطمئن وتطيب لها نفسك .
وبون شاسع بين من صلى صلاة بلا روح لا حياة فيها !
وبين من استشعر عظمة من يناجي وخشعت جوارحه لله !
قال ابن عباسٍ رضي الله عنه :
( ركعتان في تفكرٍ خيرٌ من قيام ليلة بلا قلب ) .
فالخاشع في صلاته يتزود بشحنات إيمانية كبيرة يكون لها أثراً عظيماً على أحاسيسه ومشاعره
وتصرفاته في جميع نواحي الحياة فتقوده نحو معانقة العلياء وتسمو بروحه للقمم فتهفو بعدها
لتلك اللحظات المقدسة
فتجد اللذة العظيمة والراحة النفسية التي لا تقدر بثمن ..وتذكر دائماً إنها من قال فيها إمام
الأمة ( أرحنا بها يا بلال ) .
*
::دواء القلوب ونور الدروب " قراءة القرآن بتدبر " ::
هدى الضالين ونور المستوحشين وشفاء ورحمة للمؤمنين
قال تعالى :
( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين )
تأمل في معانيه ورتل آياته واستظل بضلاله
وتفكر في إعجازه ومعانيه لتسلك طريق النور
ولتجد السعادة ترفرف بين جنبات قلبك
فتصبح جنتك في صدرك وأنسك بين يديك
فتسعد وتنال الهناء في الدارين .
****
يقول ابن القيم "رحمه الله "
( فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن،وإطالة التأمل،
وجمع الفكر على معاني آياته فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما وعلى
طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما، ومآل أهلهما،وتضع في يده مفاتيح كنوز السعادة
والعلوم النافعة ...)
:
:
:: سكينة النفس وطمأنينة القلب " الإستغفار " ::
فيه انفراج الكروب و راحة البال والقلوب وبه انشراح الصدر والسرور وهناء العيش
وسكينة النفس وطمأنينة القلب وبه متعة الحياة وبه الخير كله عاجله وآجله .
وقال تعالى:
(اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً)
فيا من احتواه قلقه و أشقاه كدر العيش ومنغصات الحياة
أينك من بلسم الجروح وقاشع الهموم ومزيل الغموم ؟!
..